كنا نقول ليس بالامكان أسوء مما كان لكنه كان.. عندما نسمع محطات ظننا انها عربية تكاد تظنها عبرية وكأنها صوت اسرائيل واصفة من يسعون الى تحرير اولى القبلتين بالارهابيين.. ولكن من هم الارهابيون؟

د. عبد الحي زلوم

1- الولايات المتحدة هي الراعية العالمية للارهاب

قال إدوارد بيك Edward Peck في مقابلة أجرتها معه الصحفية آمي غودمان بتاريخ 28 يوليو 2006: “في عام 1985 عندما كنت نائبًا لمدير إدارة مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض في عهد ريغان، طُلب إلينا الخروج بتفسير محدد للإرهاب يمكن تعميمه على الأجهزة الحكومية كافة. وقتها رفعنا لهم أكثر من ستة تعريفات للإرهاب تم رفضها جميعها ، لأن الدارس المتمعن لكل منها يخرج بانطباع مؤداه أنها تنطبق جميعًا على الولايات المتحدة باعتبارها متورطة في العديد من هذه الأنشطة”.

بعدما طلبت الولايات المتحدة من الجميع الاصطفاف معها لمحاربة الارهاب بعد 11 سبتمبر طلب الرئيس المصري مبارك و كثيرون آخرون أن تقوم الولايات المتحدة بتعريف الارهاب – الا انها رفضت ذلك.

2- اول من استعمل “الجهاديين” كانت الولايات المتحدة :

ما بين سنوات 1977-1989 تم استقدام المجاهدين الى افغانستان من كل حدب وصوب وتم تمويلهم وتسليحهم من الــCIA واجهزة المخابرات النفطية التابعة لها في الشرق الأوسط . كان هؤلاء مصدراً رخيصاً لحروب الولايات المتحدة بالوكالة. ولقد قامت الولايات المتحدة بتمجيد هؤلاء في صحافتها بل ورتبت لقادة طالبان برامج زيارة الولايات المتحدة بما فيها البيت الابيض. ووصل عدد المجاهدين ممن تمّ تسميتهم الافغان العرب 35000 . وكانوا عنصراً هاماً في انهيار الاتحاد السوفياتي بعد هزيمته في افغانستان . ثمّ تم استعمالهم في البوسنة، و في الشيشان . ووجدت الولايات المتحدة في هؤلاء عناصر هامة لاستعمالها في حروبها بالوكالة لانها رخيصة الكلفة وشديدة المراس في الحروب ويمكن التخلص منها بل وقتلها بعد استنفاذ الولايات المتحدة لاغراضها منها . وما زالت الولايات المتحدة تستعملهم في حروبها بالوكالة. فمثلاً :

· قال الرئيس الامريكي ترامب اثناء حملته الانتخابية ان داعش هي صناعة امريكية .

· اعترف جون كيري أن “الولايات المتحدة حاولت استعمال داعش

لاجبار الاسد على المفاوضات .”

· قال وزير الخارجية الروسي لافروف نقلاً عن وكالة تاس : ” إن الادارة الامريكية الجديدة ما زالت تتبع نهج الرئيس السابق باراك اوباما التي تعمدت عدم توجيه ضربات لمقاتلي جبهة النصرة ” ذلك لانها من صنع الولايات المتحدة عبر وكالائها العرب .

· نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية الأحد 18/6/2017 تقريراً يتحدث عن انخراط إسرائيل في دعم الجماعات المسلّحة في سوريا بشكل منتظم في سوريا، وتساهم المساعدات الإسرائيلية في دفع الرواتب وشراء الذخائر… وأنها تشارك بقوة في المعارك الدائرة هناك، فضلاً عن اعتراف اسرائيل علناً بمعالجة حوالى 3000 جريح منذ عام 2013.”

3- هدف حرب الارهاب الامريكية هو فرض الاحادية والهيمنة على العالم :

كما يقول المحللان ثوماس بارنت ، الباحث الاستراتيجي والاستاذ في الكلية الحربية البحرية الأمريكية وهنري غافني ، رئيس فريق أبحاث في مركز الدراسات الاستراتيجية في مؤسسة CNA للبحوث في دراستهما المعنونة “استراتيجية التحول العالمي” المنشورة في عدد مايو 2003 من مجلة Military Officer فإن احتلال العراق :”لم يكن محاولة تسوية حسابات قديمة أو مجرّد تطبيقٍ لقرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بنزع سلاح العراق … بل وبدلاً من ذلك فقد جاء أول تطبيقٍ لإستراتيجية إدارة بوش الخاصة بالحروب الاستباقية المثيرة للجدل، ليشكل نقطة تحول تاريخي على طريق امتلاك واشنطن الفعلي للأمن الإستراتيجي في عصر العولمة.”

4- قال المحافظون الصهاينة الجدد انهم بحاجة الى بيرل هاربر جديدة! فجاءوا بتفجيرات 11 سبتمبر .

هذا ما خطط له المحافظون الجدد كما جاء في ادبياتهم بل وتصريحاتهم اثناء حملة الرئيس جورج بوش وذلك لحشد الشعب الامريكي وراء سياستهم لبسط الهيمنة الامريكية الاحادية والكاملة على العالم بما يتخللها من حروب لعشرات السنين .

خلال رحلة جوية الى اسطنبول يوم 6/1/1992 ،كنت في الطائرة مع عائلتي عندما تعرفنا على دونالد فان ايتن وزوجته حيث تبين أنه بروفيسور تاريخ في احدى جامعات كاليفورنيا، وكانت حرب الخليج الاولى التي قادتها أمريكيا ضد العراق محور نقاشنا. عندما سألني عن رأيي قلت له أني اعتقد أن الولايات المتحدة قد ضللت القيادة العراقية بانها لن تتدخل في نزاع حدود عربي. بل ومن غير الممكن أن لا ترى اقمارها الصناعية مئة الف جندي ومئات الدبابات متجهة للكويت ولا تتخذ اي اجراء لان بياناً واحداً منها كان يكفي لوقف الغزو. لكن يبدو انها كانت تريده.. أجابني البروفيسور Van Etten أن ذلك غير مستغرب على الولايات المتحدة فهي كانت تعلم وقت هجوم اليابان على بيرل هاربر قبل حدوثه لكنها كانت تريده لتجييش الامريكيين الذين كانوا ضد دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية وانه كتب بحثاً بهذا الخصوص. طلبت منه نسخة من الدراسة تلك وفعلاً ارسلها لي بعد رجوعه الى كاليفورنيا.

ملخص الدراسة ان الكونغرس والشعب الامريكي كان ضد دخول الولايات المتحدة الحرب وكانت الحكومة الامريكية برئاسة الرئيس روزفيلت تعتقد بضرورة دخول الحرب فقاموا بحركات اقتصادية عدوانية ضد اليابان ومنها منع النفط والحديد عنها وفكوا رموز شيفرة الجيش الياباني وعرفوا ساعة الصفر للهجوم بل وعرفوا خطة الهجوم وأهملوا تحذير رقابة الرادار ان طائرات العدو تقترب الى بيرل هاربر . وقد قدّمتُ هذه الدراسة في فصل كامل من كتابي نذر العولمة سنة 1998.

5- هذه اهداف حرب الارهاب الامريكية كما حددها مدير الـCIA الاسبق:

في محاضرة لجيمس ولسي في جامعة كاليفورينا في لوس انجلوس بتاريخ 2/4/2003 وذلك اثناء عمليات غزو العراق قال فيها : ” إننا نخوض حرباً عالمية رابعة وأعتقد أنها ستستمر لمدة اطول من اي من الحربين العالميتين الاولى والثانية . ولكنني آمل أن لا تمتد لاكثر من40 سنة كما كانت الحرب العالمية الثالثة اي الحرب الباردة . ” وأضاف : “أن هذه الحرب ستكون في الحقيقة ضد 3 اعداء : القادة في ايران والفاشيون في العراق وسوريا و المتطرفون الاسلاميون امثال القاعدة “.

هل هناك وضوحٌ اكثر من هذا؟ بدا تنفيذ الحرب الايدلوجية وذلك بالضغط على الدول الحليفة والصديقة وتغيير المناهج اضافةً الى الحروب الساخنة المباشرة والحروب الباردة وبالوكالة كما نرى في كافة ارجاء العالم الاسلامي من غرب افريقيا وحتى بنغلاديش التي قامت مؤخراً بإعدام قادة الجماعة الاسلامية وأكثرهم في السبعين والثمانين من اعمارهم وذلك بحجة وقوفهم مع باكتسان اثناء حرب الانفصال سنة 1971 والتي قادها الجيش الهندي .

6- لماذا هذه الهجمة على الاسلام والمُثل الاسلامية ؟

قال السكرتير العام لحلف الاطلسي سنة 1995 أن الاسلام السياسي وايدولوجيته هي اخطر من الشيوعية.

هناك 3 عوامل رئيسية لذلك :-

· كون نسبة كبرى من مصادر الطاقة العالمية تكمن تحت الاراضي الاسلامية .

· يقول الجيواستراتيجي البريطاني ماكيندر أن الاستيلاء على اوراسيا هو متطلب رئيس لاي امبراطورية عالمية وبذلك لا تستقيم العولمة والهيمنة الامريكية بدون الهيمنة على قلب اوراسيا وهو الشرق الاوسط العربي .

· تمّ تقسيم العالم الى دول منفتحة على العولمة واخرى منغلقة عنها وتمّ تحديد أن القيم والمبادئ الاسلامية خصوصاً الاقتصادية منها كتحريم الربا تقف عقبة في طريقها.

في الهجمة على العالم الاسلامي والتنظيمات الاسلامية كان هناك مدرستان احداهما امكانية استعمال ما اسموه بالاسلاميين المعتدلين كالاخوان المسلمين ومدرسةً اخرى ترى بضرورة تغيير جذري في المفاهيم الاسلامية وقوقعة المسلمين بعيداً عن اي من مفاهيم دينهم الاقتصادية و الاجتماعية لانها تخالف مبادئ عولمتهم والتي اعلنوا انها صالحةٌ لكل زمان ومكان وأن على العالم أن يختار أن يكون معها أو ضدها .

كانت التجربة التركية مع الاسلاميين اثناء سيطرة المدرسة الاولى القابلة بالاسلاميين المعتدليين تجربة ناجحة بأفضل مما توقعوا او رغبوا فورطوا الحكم التركي الاسلامي المعتدل بمشاكل عديدة. وبعد صموده حاولوا الانقلاب العسكري عليه. بعدما تغلب فريق المدرسة الثانية الصهيونية بأنه لا يوجد اسلاميون معتدلون فكلهم سواء فبدأت الهجمة على الاخوان المسلمين واي تنظيم يحمل في ايدولوجيته اي نوع من الاسلام السياسي أو الاجتماعي .

7- ستفشل مخططات الولايات المتحدة حيث ستصاب بسكة قلبية اقتصادية

حسب ما جاء في خطط المحافظين الجدد بدات الحروب على العالم الاسلامي .

غزو العراق :

كما بين مدير مكافحة الارهاب في مجلس الامن القومي الامريكي ريتشارد كلارك في كتابه بأن غزو العراق قد تمّ بحثه في أول اجتماع لادارة الرئيس جورج دبليو بوش قبل احداث 11 سبتمبر بسبعة شهور وقبل الغزو بسنتين . نتج عن حرب الارهاب تلك قتل ما يزيد عن مليون عراقي وتهجير الملايين وقتل العلماء ونشر الفوضى والمذهبية والفساد لتصبح العراق الدولة الاكثر فساداً في العالم .

– مقابلة ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي في 16/3/2003 مع برنامج قابل الصحافة جاء فيها : “كافة التحليلات تبين لنا أن كلفة الحرب ستكون حوالي 80 مليار دولار ويضاف اليها 20 مليار دولار لمدة السنتين بعد الغزو “.

– لكن كلفة الحرب الحقيقية كانت في اقل تقدير 1.1تريليون دولار وحسب تقديرات البروفيسور جوزف ستغلز 3 تريليون ومدة الحرب كانت حوالي 9 سنوات في الوقت الذي اعلن بوش ان (المهمة قد انجزت ) بعد شهور فقط .

افغانستان:

– تصور المحافظون الجدد ان هذه الحرب ستنتهي خلال ساعات لكنها تحولت الى اطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة . وأما كلفتها فوصلت الى ما يزيد عن تريليون دولار . ولعل ما جاء في جريدة أراب- نيوز بتاريخ 1/7/2010 افضل وصف لتلك الحرب حيث كتبت : ” كيف يستطيع جيش غير نظامي يتكون من 30.000 – 40.000 رجل الصمود ضد القوة العالمية العظمى الوحيدة لتسع سنوات طوال ، خصوصاً عندما نضيف أن مع هذه الولايات المتحدة تحالف من أقوى جيوش العالم الأخرى؟”

سوريا :

– خططت الولايات المتحدة مع وكلائها في المنطقة لقلب النظام السوري وظنوا ان ذلك في متناول ايديهم خلال شهور .وجاءوا (بمجاهديهم ) من كل مكان وصرفوا عشرات مليارات الدولارات ولم يفلحوا في تحقيق هدفهم سوى قتل 400 الف سوري من افضل العرب وتهجير حوالي 10 مليون لاجئ وتدمير البنية التحتية لدولة عربية هامة .

الربيع العربي

– استطاعت قوى الشد العكسي في الغرف السوداء أن تُحول انتفاضات الربيع العربي الى نكسات ذلك لان تلك الانتفاضات كانت بدون قيادات ناضجة وتمّ اختطافها . ولكن من تحت الرماد ستخرج قيادات شابة ناضجة وستذهب بمن اوصلوهم الى هذا الوضع البائس الى مزبلة التاريخ.

احسن الكاتب والمؤلف الاميركي Stephen Lendman حين كتب في 23/6/2017 في جريدة ICH:” الجنون هو ما يميز سياسة الولايات المتحدة وارهاب الدولة على نطاق عالمي وعدوانية ناتجة عن دلك ، والهدف هو السيطرة على الكرة الارضية ومواردها وشعوبها مخاطرة بحرب نووية تقضي على كل شيئ.”

اصبحت اكذوبة الحرب على الارهاب اسطوانة مشروخة مقيتة لممارسة ارهاب الدولة حتى من دول العالم الثالث الشمولية على شعوبها.

مستشار ومؤلف وباحث

تنزيل