نعم للاتحاد أو الوحدة بين أي دولتين أو دول عربية خصوصاً الاردن وفلسطين على الا تكون “كلمة حق اريد بها باطل”

د. عبد الحي زلوم

بالنسبة لي كان ذلك يوما حزيناً حينما قرر مؤتمر قمة الجامعة العربية بمبادرة من انور السادات وبتحريض امريكي وصهيوني من هنري كسينجر فك الارتباط بين ضفتي الاردن الشرقية والغربية والذي كان يهدف جعل الاراضي الفلسطينية المحتلة قانونياً اراضٍ متنازع عليها بدل أراضٍ احتلها الكيان الصهيوني من دولة تستطيع المطالبة بها حسب القانون الدولي وما نتج عن ذلك من اوسلو وسلطة وحراس احتلال . وطبعاً ارحب بإعادة هذه الوحدة اذا كانت الضفة الغربية سترجع كاملة السيادة مع الحفاظ على كافة الحقوق الفلسطينية الاخرى غير منقوصة لا ان تكون هذه العملية مسرحية امريكية صهيونية لنقل العبء السكاني والديمغرافي والامن الداخلي الى الاردن في الضفة ومصر في غزة ليُمكّن دول (الاعتدال) للانتقال للتحالف مع الكيان الصهيوني من السر الى العلن .

كتب د. لبيب قمحاوي مقالاً هاماً بتاريخ 22/5/2016 بجريدة رأي اليوم بعنوان: “فلسطين في حضن الاردن: التسوية التي يجب أن لا يريدها أحد” فوجدت مفيداً أن اورد هنا ثلاث اقتباسات كنت قد ذكرتها في كتابي “امريكا اسرائيل الكبرى” وهي تبين الخلفية لاتحاد كونفدرالي وأصوله الصهيونية – والاقتباسات الثلاثة من مصادر صهيونية امريكية ومن ارشيف رئاسة الوزراء للكيان الصهيوني وهي “تقطع قول كل خطيب ” .

*****

(1) مشروع جون بولتن من المحافظين الجدد الصهاينة ( نائب وزير خارجية امريكي ومندوب الولايات المتحدة في الامم المتحدة سابقاً)

كتب جون بولتن في جريدة الواشنطن بوست بتاريخ ([1] January 5, 2009; Page A11, The Washington Post :

” دعنا نعترف بأن بناء سلطة وطنية على أنقاض منظمة التحرير الفلسطينية قد فشل، وأن مشروع الدولتين لم ينطلق. لقد قتلت حماس ذلك المشروع – ولربما الأرض المقدسة لا تتسع إلى بعثين . لذلك علينا البحث عن مشروع الدول الثلاث بحيث تعاد غزة إلى مصر ، والضفة الغربية إلى الأردن بطريقة أو أخرى. وحيث أن مصر والأردن مرتبطتان بمعاهدتي سلام مع إسرائيل، فإن اعادة غزة والضفة لتلك الدولتين يضمن السلام بطريقة اوتوماتيكية . أما قضية وضع قوات أو مراقبين دوليين فلن يكون كافياً ، فما نحتاجه هو دول تملك أجهزة أمنية.

وهذا الاقتراح لن يكون محبباً من مصر والأردن واللتين أرادتا أن تنفضا يديهما من المسألة الفلسطينية . لذلك فيجب عدم تحميلهما هذه المسؤولية لوحدهما، بل مساندة جامعة الدول العربية والغرب بالطريقة التي تمت فيها مساندة النظامين المصري والأردني من الولايات المتحدة لسنوات عديدة. وعلى إسرائيل قبول الحكم الإداري للأردن ومصر إلا إذا أرادت إسرائيل نفسها أن تقوم بهذه المهمة ، وهو أمر لا تريده إسرائيل” …..

(مشروع الثلاث دول هذا يبين سبب دخول الرئيس عبد الفتاح السيسي على الخط الان ! كذلك يبين المشروع بوضوح أن الاردن ومصر لو سارتا به فلن يكون دورهم أكثر من حكم اداري وأمن داخلي ).

****

(2) تحديد مستقبل الضفة كما وردت في محضر اجتماع لجنة الخارجية والمخابرات قبل احتلال الضفة الغربية

يلخص شلومو غازيت من استخبارات الجيش موقف الجيش الإسرائيلي تجاه الضفة الغربية بالقول:

” كان البعض يرى بأن نظام حسين يشكل مصدر ضرر لإسرائيل لأنها لن تستطيع غزو الضفة الغربية ما دام على رأس الحكم، وكانوا يعتقدون بأن أوضاع الضفة غير المستقرة آنذاك تمثل “كارثة لإسرائيل”. … يقبل الجيش بالوضع الحالي بإنتظار الفرصة لتغيير الأمر الواقع وخلق وضع مريح وموات لإسرائيل… غير أن احتلال الضفة يتطلب التفكير فيما ستفعله إسرائيل بها أو بالأحرى ما إذا كان باستطاعتها ضمها إليها بدون أن تتحول مع الوقت إلى سرطان يهدد وجودها من الداخل. خاصة وأن إسرائيل في هذه الحالة لن تضم منطقة فارغة من السكان. ولتحييد المخاطر التي تمثلها الضفة الغربية فإن على إسرائيل العمل على إقامة دولة فلسطينية مستقلة ولكن تعتمد على الجيش الإسرائيلي فيما يتعلق بالدفاع والأمن الداخلي، يضاف لذلك الإشراف على السياسة الخارجية للدولة الفتية. … وفي وقت لاحق قال موردخاي غازيت وعضو آخر من مجموعة الدراسة، في محاضرة في كلية الدفاع الوطني، بأن احتلال الضفة الغربية أصبح احتمالاً قائماً. وأضاف غازيت بأن أي تردد أو عدم رغبة في احتلال الضفة لدى البعض إنما مرده للمشكلة الديموغرافية التي ستواجهها إسرائيل نتيجة لهذه الخطوة. وتساءل غازيت قائلاً:

” ماذا سنفعل إن لم يبادر سكان الضفة، أعداءنا المؤكدون للفرار عبر الحدود؟”

ومن جانبها عرضت كلية الدفاع الوطني دراستها الخاصة بهذا الشأن انتهى معدوها إلى نتيجة مؤداها بأن الاحتلال سيكون مُجدياً لإسرائيل من الناحية الاقتصادية

(نعم للكونفدرالية على أن لا تكون تهدف لحل المشكلة الديموغرافية التي أسماها شلومو غازيت بالسرطان الذي يهدد وجود الدولة ! )

*****

(3) من ارشيف رئاسة الوزراء للكيان الصهيوني عن

حدود إسرائيل الجديدة كما تمّ نقاشها في مجلس الوزراء بعد احتلال الضفة الغربية

وفي ذلك يقول المؤرخ الإسرائيلي توم سيغيف:” قال إيشكول لأعضاء اللجنة السياسية في حزبه خلال اجتماع لمناقشة مستقبل الأراضي المحتلة حديثاً: لقد حصلنا على مَهر جيد إلا أنه جاء مصحوباً بهدية لا نرغب بها.. الفلسطينيون… ليس هناك من خيار سوى منح الفلسطينيين “وضعاً خاصاً”. في غضون ذلك كانت هناك لجنة مكلفة بالبحث عن أماكن لتوطين اللاجئين . وبالنسبة للضفة الغربية قال إيشكول بأن الحدود ستكون نهر الأردن، وبأن إسرائيل لن تتنازل عن أي شيء بدون السلام. توصل الوزراء لقرارين: الاحتفاظ بكامل الضفة الغربية حتى نهر الأردن كما سبق وأن طالب ميناحيم بيغن …

أما رعنان وييتز، الذي ترأس والده مشاريع الاستيطان لسنوات، فيرى في المشكلة الديموغرافية مصدر خطر داهم على إسرائيل…. وتوقع وييتز أن يصبح العرب أغلبية في البلاد في وقت لن يطول إذا ما استمرت معدلات الإنجاب بينهم على هذه الوتيرة من الارتفاع. عن هذه المشكلة كتب وييتز يقول:” هذه المشكلة تنغص علي حياتي وتخنق الفرحة وتقتل أي رغبة في الاحتفال لدي”.

كما أسلفنا سابقاً فقد كان الجيش الإسرائيلي يخطط لغزو المناطق التي تم الاستيلاء عليها في حرب1967، وبأن هذا التخطيط يعود لسنوات إلى الوراء وتحديداً لعام 1963، ووصل وقتها مرحلة تحديد اسم الحاكم العسكري للضفة الغربية التي سيتم احتلالها طبقاً للخطط وهو الجنرال حاييم هيرتزغ. …من جانبه اعترف حاييم هيرتزغ بأنه استعد للمهمة التي تنتظره كحاكم عسكري قادم للضفة الغربية قبل سنوات من احتلالها، بما في ذلك الحرص على قراءة الصحف الأردنية يومياً ومتابعة تطورات الأحداث في المنطقة. …

من جانبه كان موشيه دايان يفضل منح الضفة الغربية الحكم الذاتي مع بقاء الأمن والسياسة الخارجية بيد إسرائيل. وفي هذا يقول وزير الدفاع السابق:” إذا اتضح بأن خيار الحكم الذاتي غير موات، وبأنه يترتب علي الاختيار بين عودة الضفة إلى الأردن- باستثناء القدس- أو أن يصبح سكانها العرب مواطنيين إسرائيليين، فسأختار عودتهم للأردن.”

( مرةً اخرى يتضح أن سرطان الكيان الصهيوني هو الديموغرافية الفلسطينية ومرةً اخرى نقول نعم للكونفدرالية على أن لا يكون هدفها حل مشاكل الكيان الصهيوني )

*****

أذكر اخيرا بما قاله الرئيس اوباما في مقابلته مع مجلة اتلانتك ناصحاً السعودية بأن تتقاسم النفوذ في الشرق الاوسط مع ايران. هل اراد باراك حسين اوباما بذلك أن يصبح في شرق أوسطنا الجديد إتحاد “سني صهيوني” يقابله”إتحاد شيعي إسلامي”؟ وإذا وصل الأمر لذلك فإلى أي معسكر ستنضم الشعوب عاجلاً أم آجلاً ؟ اسئلة اتمنى لو أن القائمين على تنفيذ هذا المشروع اعلاه (لو كان ذلك صحيحاً ) أن يدرسوه بعناية فهو لن يكون في مصلحتهم على الاطلاق .

مستشار ومؤلف وباحث

تنزيل