من يحكم أمريكا: اوباما أم نتنياهو?
في أكتوبر 3/2001 عندما قرر ارائيل شارون اعادة احتلال الضفة الغربية وهدم معالم الدولة كمطار غزة مثلاً ، نقل صوت إسرائيل KOL ISRAEL عن شارون قوله لشمعون بيريز:" في كل مرة نريد أن نفعل شيئاً تقل لي : أمريكا ستفعل كذا أو أمريكا ستعمل ذاك..." اريد أن أقول لك شيئاً واضحاً جداً: لا تقلق على ضغط أمريكا على اسرائيل . نحن الشعب اليهودي نسيطر على أمريكا والأمريكان يعلمون ذلك."
أصبح الخلاف بين اوباما ونتنياهو خلال السنوات الست الماضية وكأن نتنياهو يريد فرض سياساته ليس فقط فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية بل حتى في السياسة الأمريكية للشرق الأوسط بما في ذلك العلاقات الأمريكية الايرانية وكأنه يريد ان يتحدى من هو الرئيس الحقيقي للولايات المتحدة نتنياهو أم اوباما وذلك مخالفاً لتقاليد ممارسة نفوذ اليهود عن طريق قنواتهم السرية لحفظ ماء وجه الرؤوساء الامريكيين الى اظهار هذه القوة جهاراً نهاراً . قوى الضغط والصهيونية وإعلامها بما فيها النيويورك تايمز بدأت تنتقد نتنياهو لان تصرفه سيجعل المواطن الامريكي يتسائل عن ما هي تلك القوى الخفية التي تجعل من رئيس دولة اجنبية يقارع رئيسه وأن ذلك ليس من مصلحة تلك القوى طالبين منه عدم القدوم والقاء الخطاب في الكونغرس .
تحدث الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر في مذكراته عن زيارة قام بها لإسرائيل عام 1973. وقتها كان كارتر حاكماً لولاية جورجيا وتمت الزيارة بدعوة من إسحق رابين الذي كان حينها سفيراً لإسرائيل في واشنطن. من الواضح أن سبب دعوة كارتر لزيارة إسرائيل يعود الى تردد اسمه كمرشح أقوى للحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية التالية. خلال زيارته لإسرائيل التي كانت أقرب إلى "مقابلة اختبار" إسرائيلية للرئيس الأمريكي القادم، علم كارتر بمعاناة "الفلسطينيين الذين طردوا من منازلهم" ليصف ما حدث لهم بأنه أشبه بـ:" إجبار الهنود الحمر على مغادرة أراضي جورجيا حيث تقع مزرعة عائلتي حالياً.. لقد أجبروا على الرحيل لإفساح المجال لاستيطان أجدادنا البيض". غادر كارتر إسرائيل وهو " على قناعة بأن الإسرائيليين هم المهيمنون إلا أنهم يتوخون العدل .. غلب علي شعور بالابتهاج والتفاؤل حيال التزام واضح من قبل الإسرائيليين بإقامة دولة ملتزمة بمبادئ العدل والسلام، والتعايش مع الجيران كما تنص عليها التعاليم اليهودية المسيحية"
نجح كارتر في الاختبار وسرعان ما وصل للبيت الأبيض . غير أن كارتر تبين له حينما أصبح كرئيس بأن إسرائيل لم تكن تنوي تحقيق السلام مع جيرانها، كما تبين له عدم استطاعته الضغط على بيغن حتى في قضية تطبيق نصوص اتفاقية كامب ديفيد. وفي ذلك كتب كارتر يقول:" من المستبعد أن تتمكن أي قوة عربية مجتمعة ولا حتى الولايات المتحدة من إجبار إسرائيل على اتخاذ قرارات لا تريدها فيما يتعلق بقضايا رئيسية مثل القدس الشرقية، والضفة الغربية، وحقوق الفلسطينيين، أو الأراضي العربية المحتلة. فمثل هذه الأمور تحسم في القدس.. " اتسائل : لماذا لا يقرأ ويفقه مبادرو اوهام السلام على مايقوله كارتر وغيره من الرؤوساء الامريكيين ؟
خطيئة كارتر بالنسبة لمسؤولي إيباك كانت في اعتقاده " بأن تحقيق السلام أمر ممكن في حالة انتهاج إسرائيل سياسات معقولة، لأن "العديد من الأنظمة العربية أضحت منشغلة أكثر من أي وقت مضى بمشاكلها الداخلية والتي أبرزها: تجدد النزعة الدينية، وتعاظم الآمال والطموحات بين أبناء الطبقتين المثقفة والوسطى، والمخاوف من مزيد من تدخلات القوى الأجنبية، والنزعة الديمقراطية الآخذة في التعاظم، وميل هذه الأنظمة إلى نفض يدها من القضية الفلسطينية"
تمثلت المشكلة بالنسبة للرئيس الأمريكي السابق في " كون الولايات المتحدة وحيدة تقريباً في تقديم هذا القدر من الدعم لإسرائيل ". ولمنح الدولة العبرية الغطاء السياسي في مواجهة الإرادة الدولية، كان على الولايات المتحدة اللجوء إلى استخدام حق النقد – الفيتو- في 42 مناسبة منذ عام1973 لتجد نفسها وفي معظم هذه الحالات وحيدة مع إسرائيل في مواجهة العالم.
لقي كتاب كارتر والذي كانت الاقتباسات اعلاه منه تجاهلاً من صحيفة بوزن النيويورك تايمز التي تعاملت معه كما لو أنه غير موجود. كان من الواضح للقائمين على الصحيفة بأن الحقائق التي أوردها كارتر في كتابه لا تعجبهم بما تحمل من آراء عن إسرائيل، وبذلك فهي لا تستحق النشر وبالتالي لم تحاول نشر أي خبر عن الكتاب أو عرض له كما جرت العادة . وعندما تصدّر كتاب كارتر قائمة الكتب الأكثر مبيعاً للأسبوع الخامس على التوالي، أقدمت الصحيفة على نشر تعليق سلبي عنه نقلاً عن موظف سابق لدى كارتر. وفي رد على الافتراءات والهجمات الشرسة التي تعرض لها، نشر كارتر مقالاً في لوس أنجلوس تايمز جاء فيه القول: "عايشت وخبرت وعلى مدى الثلاثين عاماً الماضية الكثير من القيود التي تمارس على المناقشة الحرة والمتوازنة للحقائق .. لدرجة يصبح معها أي تجرؤ من قبل أي عضو كونغرس على اتخاذ موقف متوازن بين إسرائيل وفلسطين أو مطالبة إسرائيل الالتزام بالقانون الدولي، أو الدفاع عن حق الفلسطينيين بالعدالة وحقوق الإنسان، بمثابة الإقدام على الانتحار السياسي". وبالطبع أصبح الرئيس الأمريكي السابق عرضة لتهمة معاداة السامية، بل والأسوأ من ذلك وصفه بـ: نصير النازية. تعرض كارتر للهجمة اليهودية لأنه قال أقل مما صدر عن الوزير الإسرائيلي السابق وناشط السلام يوسي ساريد في مقال له في صحيفة هآرتز بتاريخ 26 أبريل 2008، ومما جاء في المقال الذي حمل عنوان: نعم.. إنه الفصل العنصري، القول:" من الواضح تماماً لماذا تخيفنا عبارة.. الفصل العنصري إلى هذا الحد . غير أن الذي يجب أن يخيفنا ليس وصف الحقيقة بل الحقيقة نفسها.. فقد وجدنا حتى شخصاً مثل إيهود أولمرت يتوصل لنتيجة مؤداها أن الاستمرار في الوضع الحالي يعني نهاية الدولة الديمقراطية اليهودية، طبقاً لما صدر عنه مؤخراً".
وهذا الصحفي مايكل ماسنغ ينقل عن أحد موظفي الكونغرس من مؤيدي إسرائيل القول:" نستطيع الاعتماد على أكثر من نصف أعضاء المجلس ( ما بين 250-300 عضو) في فعل ما تريده إيباك". ويوضح مسؤول إيباك السابق ستيفن روزين، الذي تم تجريمه بتهمة تسريب وثائق حكومية سرية لإسرائيل، مدى ما تتمتع به لجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية من قوة، أمام مراسل النيويوركر: جيفري غولدبيرغ، بوضع فوطة مطعم على الطاولة أمامه وهو يقول:" باستطاعتنا الحصول على تواقيع 70 سيناتوراً على هذه الفوطة في أقل من 24 ساعة".
هذه الأمريكا هي نفس )الوسيط النزيه ( للرئيس المنتهية ولايته عباس ويريد بسيفها أن يحرر فلسطين.
مستشار ومؤلف وباحث