الدجاجة منتوفة الريش… وثورة السكاكين من جيل جديد غير منتوف الريش.. فرانكشتاين خرج عن طوع صاحبه.. في مصطلحات المخابرات الأمريكية يسمونه Blow Back
د. عبد الحي زلوم
– الدجاجة منتوفة الريش –
كان ارييل شارون حسب قول يوري افتيري يسمي محمود عباس بالدجاجة المنتوفة الريش Plucked Chicken وهذا يستحضر قصة رواها الروائي السوفييتي Chingiz Animatov عن ستالين والرواية كالاتي . في احدى المناسبات طلب ستالين دجاجة حية اراد ان يجعل منها درساً وعبره لفريق من اعوانه . مسك الدجاجة بقوة في يد وبدء ينتف ريشها في اليد الاخرى. تحركت الدجاجة بقوة لتخلص نفسها دون فائدة حتى تم نتف ريش الدجاجة بالكامل . قال ستالين لرفاقه . الان ترقبوا ماذا سيحصل . وضع الدجاجة على الارض وابتعد عنها وبيده قطع من الشعير . فوجئ الجميع وهم يروا الدجاجة المرعوبة تركض نحوه وتتعلق ببنطلونه . فرمى لها شيئاً من الطعام بيده . بدا ينتقل في ارجاء الغرفة والدجاجة تتبعه أينما ذهب . عندها التفت ستالين الى رفقائه المذهولين وقال : بهدوء :” هكذا يمكنكم أن تحكموا الناس . ارأيتم كيف لحقتني تلك الدجاجة لتأكل بالرغم من الألم الذي سببته لها ؟ الناس هم كتلك الدجاجة . اذا تسببت بألم شديد عليهم فسيلحقونكم من اجل اطعامهم حتى بقية حياتهم .”
هل كان شارون يشير الى هذه الحادثة عندما سمّى محمود عباس بالدجاجة منتوفة الريش ؟ الحاق الاذى والمهانة بل القتل بسلطة محمود عباس وشعبها ، بعد أن تم تحويلهم الى مجموعة من الافراد تنتظر آخر كل شهر لتقبض (شعيرها) حيث أنها قد تحولت الى دجاجات منتوفة الريش كما أراد لها اوسلو وأبطاله . أما أصحاب السلطة فلهم أيضاً بطاقات VIP ويسمح لهم بالفساد كما يشاؤون ما داموا يقومون بحراسة احتلالهم ومستوطانات محتليهم ، بل ويتجسسون على شعبهم، ويسجنون من اراد مقاومة الاحتلال…. لكن العجيب ، ان رواتب موظفي السلطة وجزء كبير من مصروفاتها يأتي من الضرائب والجمارك المفروضة من الاحتلال والذي يُرّد بعضها لهم ، مما جعله أول احتلال مربح في التاريخ . ما زالت الدجاجة المنتوفة الريش ” تلحق ولي نعمتها “، تأخذ من فتات الطعام وهي تعلم او لا تعلم انها في نهاية الامر مذبوحة لا محالة.
لماذا جاء جون كيري الى الاراضي المحتلة هذا الاسبوع ؟ ما دام البيت الابيض قد أعلن جهاراً نهاراً أنه لا يجد فائدةً من تدخله بين السلطة و الاحتلال حتى نهاية ولايته بعد سنة ]وكأن ربع قرن من المفاوضات العبثية لا يكفي [ وما دام نتنياهو قد صرح جهاراً نهاراً أيضاً اثناء حملته الانتخابية أن حلّ الدولتين قد مات وأصبح جزءاً من الماضي فلماذا يصر الدجاج منتوف الريش على الادمان في قبول اهانته واستغباءه طول هذه السنين ؟ ولماذا لا يسلموا جون كيري مفاتيح ( سلَطَتِهِم ) ويوقفوا عملية حراستهم للاحتلال واذلالهم عسى الله أن يغفر لهم بعض خطاياهم ?!
***************************
وثورة السكاكين من جيل جديد غير منتوف الريش ….
أول ما يلفت الانتباه أن جيلاً جديداً من أطفال وشباب و شابات فلسطين تحت الاحتلال المباشر منذ 1948 أو الاحتلال بالواسطة عن طريق سلطة رام الله قد ولد ويكاد كل مجاهديه قد ولدو بعد أسلو وفي ذلك عبرة لمن يعتبر. العبرة تقول أنه مهما طال الزمن أو قصر فإن هؤلاء المقاومين، سواء في مخيمات فلسطين داخل فلسطين أو خارجها لن ينسوها أبداً مع أنهم عايشو جيل النكبة و الذين تسببوا بها و الذين تواطؤا مع المحتل. لم يزدهم كل ذلك سوى إيماناً أكبر بعدالة قضيتهم و هم يهجمون بسكاكينهم وهم واثقٌون من الموت المحقق ولكنهم إلى الشهادة يتسارعون. –
في 23 و 24/11/2015 – قام شابان وشابات بل اطفال فلسطينيون في اعمال مقاومة متصاعدة . اول ما يلفت الانتباه أن طفلتين في سن 14،16 ، قامتا بمحاولة طعن في القدس ، وسلاحهما هو مقص لا غير . قام أحد افراد البوليس بإعدامهما ، فاستشهدت أهداهما واصيبت الاخرى اصابة خطيرة ، يدّعي الشرطي القاتل أنه طلب منهما أن يرميا المقص على الارض لكنهما تقدمتا نحوه والمقص بيد احداهما فاطلق النار عليهما . كانت الطفلتان ابناء عم من القدس الشرقية . الشهيدة هديل عواد كانت اخت محمد عواد الذي استشهد من طلقة في الرأس اثناء اشتباك مع الجنود الصهاينة بالمقربة من مخيم لاجئي قلندية سنة 2013 . ولهذه القضية معاني كثيرة . أولها ان الاحتلال مهما طال ، ومهما بلغت قسوته وبطشه فسوف يقاوم من جيل صاعد لا يخاف الموت ولد في ظل الاحتلال الذي لم نستطع أن يغسل دماغه .. هؤلاء الشهداء لا ينتمون الى طبقة ” الدجاح منتوف الريش” .
في 24/11/2015 قام رجل بمحاولة قتل جنود على مفترق طرق . كانت نتيجة الدهس جرح اربعة 3 منهم من الجنود ، وواحد من الشرطة وجميعهم في العشرينات من اعمارهم ، والسائق الفلسطيني الذي قام بالعملية من جنين . كما قتل جندي اسرائيلي وجرح اثنين آخرين بواسطة رجل قام بطعنهم في محطة بنزين صباح الثلاثاء 24/11/2015. الشهيد الذي قام بعملية الطعن في محطة البنزين اسمه أحمد جمال أحمد طه من قرية قطنة بالضفة الغربية .
الملاحظ أن هناك شبه تعتيم اعلامي على كل هذه الحوادث من اكثر محطات الراديو والتلفزة العربية والغربية بما فيها اعلام السلطة في تواطئ واضح نحو وقف مثل هذه الثورة.
أما آن للسلطة أن ” تستحي ” من هؤلاء الابطال ، قبل أن ينقلب هذا الجيل على ابطال السلطة بسكاكينهم باعتبارهم مقاولي الاحتلال ،و باعتبارهم خط الدفاع الاول عنه
****************************
فرانكشتاين خرج عن طوع صاحبه …
خرجت الدولة الاسلامية من رحم القاعدة في بلاد الرافدين وصنّفت جبهة النصرة نفسها بأنها القاعدة في بلاد الشام . ومع ان الولايات المتحدة ووكلائها ادّعوا انهم اشعلوا حرباً عالمية ضد الارهاب والقاعدة تحديداً الا ان من الثابت ان الدعم المالي واللوجستيكي والاعلامي جاء من الغرب ووكلائه لتلك المنظمتين ، ولو عن سبيل تقاطع المصالح لهدم النظام السوري وانهاك نظام الجمهورية الاسلامية في ايران ، وبالتالي انهاك بل انهاء حزب الله الذي قلب معادلات الردع الاسرائيلية وبيّن ان حرب المقاومة – لا حرب الجيوش النظامية – هي السبيل لانهاك وانهاء الاحتلال الاسرائيلي كما حصل في لبنان ، والذي اعتبره
بعض العرب فألاً سيئاً قد يشجع شعوبها على تطوير حركات تحرير للاراضي المحتلة هنا وهناك مما يجعل من بلدانهمم لبناناً أخر وما ينتج عنه من شد وشدّ عكسي . كما أن تلك الدول تعتبر أن مثل تلك الحركات تهدد وجودها كما انها تخلق ذرائع لقوى الاحتلال بأشكالها للتأثير على اوضاعها الداخلية. فلذلك ترى تلك الانظمة أن مثل هذه الحركات هي شر وهي تريد أن تعمل بالمثل ( ابعد عن الشر وغنيله ).
بقيت جبهة النصرة ملتزمة بمعاداتها للنظام السوري وحزب الله وايران أو المجوس ” سواء اسلموا قبل 1400 سنة ام لا” . يبدو ان المخرجين وراء البحار ووكلائهم كان لديهم من ادوات السيطرة سواء كانت التحكم بالتمويل والامدادات أو الاختراق الأمني بحيث انهم كانوا يعتقدون أنه في ساعة الحسم وبعد أن يستعملوا هذه المنظمات يمكنهم التخلص منها. لذلك فهم ما زالوا يساندون جبهة النصرة الى يومنا هذا بكل الوسائل القتالية والمالية . كان الحال كذلك بالنسبة للدولة الاسلامية الى ان انفصلت رسمياً عن القاعدة بل اشتبكت مع جبهة النصرة في اكثر من موقع واكثر من مرّة . فما الذي حصل للدولة الاسلامية ؟
تقوم جريدة الواشنطن بوست واسعة التأثير والانتشار بإصدار تحليلات بين الفترة والاخرى عن التطور والتوسع الكبير للدولة الاسلامية وأسبابه وكيفية مقاومته – وهي بعنوان ” اليد الخفية وراء عساكر الدولة الاسلامية ؟ The hidden hand behind the Islamic State Militants ” تقول أحدى الدراسات في 14 ابريل سنة 2015 :
” بالرغم من قدوم الاف المقاتلين الاجانب ، فلربما كل قادة الدولة الاسلامية هم ضباط عراقيون سابقون بما فيهم افراد سابقون في مؤسسات الامن وهؤلاء هم غالبية آمراء التنظيم.”
تضيف الدراسة :” لقد جاء هؤلاء للتنظيم بخبراتهم العسكرية وبعض اجندات البعثيين السابقين، بما في ذلك شبكات التهريب التي طورها نظام البعث للالتفاف على نظام العقوبات في العقد الاخير من القرن الماضي ، والتي تسهل الان عمليات تهريب النفط المنتج في الدولة الاسلامية.” وتدّعي الدراسة ” أن كافة اصحاب القرار هم من العراقيين ، هؤلاء من الضباط السابقين . هؤلاء هم من وضع الخطط ليقوم بتنفيذها في جبهات القتال المقاتلون الاجانب .”
يقوم الكولونيل Joel Rayburn من كلية الدفاع الوطني الامريكية والذي عمل مستشاراً لبعض الجنرالات في العراق بعد احتلاله ان الجيش الامريكي فشل في السنوات الاولى من معرفة دور الضباط البعثيين الذين تم اقالتهم بعد حل الجيش العراقي وفشلوا في معرفة دورهم في منظمات المقاومة والذي فاق دور المقاتلين الاجانب والذين فضل الامريكيون الايحاء بأن منظمات مقاومة الاحتلال كانت من اجانب وليست من هؤلاء . يضيف الكولونيل راييبرن ” تحت قيادة ابو بكر البغدادي الذي اعلن نفسه خليفة ، لعب الضباط السابقون لاعادة بناء القاعدة في العراق بعد الهزائم التي منيت بها من الجيش الامريكي …”
يقول التقرير: للوهلة الاولى يبدو ان عقيدة حزب البعث العلمانية تتضارب مع تفسيرات الدولة الاسلامية المتشدد للتعاليم الاسلامية التي تتدعي أنها تطبقها … لكن هناك نقاط تقاطع بين العقيدتين . فرجال البعث ، كما رجال الدولة الاسلامية يؤمنون بان حركتهم هي عابرة للحدود، بما فيها تأسيس فروع في كل الاقطار العربية . وتقول الدراسة أن صدام حسين كان قد بدأ تغييراً في العلمانية نحو الميل للدين في تسييره لامور الدولة. وذكرت الدراسة أن صدام حسين قد أطلق ما يسمى بحمله الايمان Faith Campaign وذلك عام 1994 حيث قام بإضافة الله اكبر على العلم العراقي بالاضافة الى اللجوء الى
العقيدة الاسلامية. وتقول الدراسة ان الكثير من الضباط العراقيين فجأة توقفوا عن شرب الخمر ، وبدأوا يمارسون الصلاة في اوقاتها بل بعضهم التزم بالسلفية خصوصاً قبل الغزو الامريكي.
من كل هذا يمكن الاستنتاج أن الدولة الاسلامية في العراق والشام اصبحت تنظيماً غير ذلك التنظيم الذي ساهم الغرب ووكلاؤهم في بناءه – فوجب الان تدميره.
مستشار ومؤلف وباحث