رئيس جامعة القاهرة مندوبا عن السيسي في مؤتمر تجديد الخطاب الاسلامي يدعو الى هجر التراث الاسلامي وبناء تراث جديد فكيف ارتجل شيخ الازهر ردا علمياً موجعاً ؟ وشيخ اخر يقول في مؤتمر نصرة القدس لم يرث المتهور ترامب القدس وفلسطين عن ابيه ليهبها للصهاينة!

كجزء من حرب الاجيال علـى التراث الاسلامي التي بشر بها رئيس المخابرات المركزية الامريكية الاسبق جيمس وولسي في محاضرة له في جامعة كاليفورنيا بلوس انجلوس قبل غزو العراق سنة 2003 باعتبار ان الحضارة الاسلامية العربية تهدد مشروع العولمة والهيمنة الامريكية ، وان محاربتها ضرورية وستكون حرب اجيال أسماها الحرب العالمية الرابعة معتبرا الحرب الباردة بالحرب العالمية الثالثة.

ضمن حروب الاجيال تم الدعوة لمؤتمر تجديد خطاب التراث الاسلامي . من الطريف ان المؤتمر كان في جامعة الازهر ، وان رئيس جامعة القاهرة الذي كان مندوبا عن السيسي القى كلمته كالطاووس وقال كناية عن التراث انه لن يسكن في بيت والده القديم لكنه سيبني بيتا اي تراثا جديدا . بعد انتهاءه من كلمته ارتجل شيخ الازهر رداً حاسما هذا بعض ما جاء فيه مخاطبا رئيس جامعة القاهرة:

· " حضرتك قلت ان هذا التجديد زي بيت ابوي احبه واقدره ولكن لا اسكن فيه ، وانتقل الى بيت جديد . هذا ليس تجديدا ...التجديد يا سيدي في بيت الوالد يكون في بيت الوالد … بما يناسب انماط البناء المعاصرة . "

· " خسارة ما يقال في نقد التراث : ان التراث لا نقف عنده، ولا نقلده، ، او نأخذ ما فيه الخ .... هذه مزايدة على التراث لان هذه المقولة موجودة في قلب التراث . هذا التراث الذي نهون من شانه اليوم ونهول في تهوينه ، حمل مجموعة من القبائل العربية التي كانت متناحرة ولا تعرف يمين من شمال في ظرف 80 عام الى ان وضعوا قدمهم في الاندلس والاخرى في الصين ، لانهم فعلا كانوا يعرفون او وضعوا ايديهم على مواطن القوة في هذا التراث ، هذا التراث خلق أمة كاملة وتعايش مع التاريخ …اذن تصوير التراث بانه كان شيئا يورث الضعف ويورث التراجع هذه مزايدة على التراث . نحن نحفظ من الامام احمد بن حنبل حين قال :) لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي وخذ من حيث اخذوا.) فمقولة التجديد مقولة تراثية وليست مقولة حداثية . والحداثيون حين يصدعوننا بهذا الكلام هم مزايدون على التراث ، ومزايدون على قضية الامة المعاصرة الان ..التراث ليس فيه تقديس وهذا تعلمناه من التراث ولم نتعلمه من الحداثة ".

· ايضا الفتنة التي تحدثت عنها وانها من عهد عثمان نعيش بها حتى الان ،هذه ليست فتنة تراثية ، هذه فتنة سياسية ، الفتنة هذه هي فتنة سياسية انت تعلم ان الفتنة تختطف الدين اختطافاً في الشرق والغرب ، حينما يريدون ان يحققوا غرضا لا يرضاه الدين ، وهذا حدث في حرب الثلاثين عاماً ، حدث في الحروب الصليبية ، ماذا كانت حجة الصليبيين حين ارادوا ان ينتقلوا وياتوا ويستعمروا عالمنا هذا قرابة 100 عام او اكثر ؟ الانجيل في يد والسيف في يد ؟ مع ان الانجيل بريء من هذا الذي يفعلونه .. ايضاً وانا استطيع ان اقول وعندي الجرأة ، ما هي مبررات الكيان الصهيوني ان يبقى مستعمرا في بلاد الاخرين غير نصوص دينية في التوراة يحرفونها و

يزيفونها ؟ اذن انت تعلم ان السياسيين والمستعمرين عادة ما يختطفون هذا الدين بشكل عام سواء كان هذا الدين القرآن او الانجيل ليحققوا مصالح واغراض شخصية ينهى عنها الدين."

· " بيني وبينك .. هل تجد التراث اليوم مطبق في حياتنا ؟ … يمكن الاسلام ودعني اكون صريحا، الاسلام مطبق في مسالة الزواج والطلاق والميراث .. انا لا ارى حقيقة مجالا ، وكنت اتوقع ان يقول الناس اين التراث مما نحن فيه ؟ شخصيتنا انتهت . شخصيتنا كعرب ومسلمين لا شيء الان ..لا شيء . وقد كنت في منتهى الخزي وانا اشاهد ترامب مع اسرائيل ، هم الذين يخططون ويقولون ويتحكمون ويحلون المشاكل ، لا يوجد احد عربي ولا احد مسلم ، و هذا هو المجال الذي يجب ان نحارب فيه ، وانا ارجو ان تكون على علم بما وراء الاكمة ، المسألة ليست حرب التراث وحرب الحداثة هذه ايضا شيء مصنوع صنعا لتفويت الفرص علينا. "

· "لا يمكن ونحن كعلماء ومشايخ ازهر تحدثنا مرة اثنين ثلاث في مؤتمر و اثنان وعشرة ، وقلنا ان الاسلام بريء من الارهاب . هناك مكينة خبيثة ملعونة , حتى نغير نمط التفكير ."

· "الحرب الحقيقية يا سيدي ان جامعتنا الان من اكثر قرن من الزمان فيها الهندسة والطب فيها الزراعة فيها الصيدلة ، والطيران والعلوم ومراكز البحث ، ونحن لم نستطع لغاية الان ان نصنع عجل سيار ة . لا احدثك عن السيار ات ..لا احدثك عن الاسلحة التي تباع لنا ليقتل بعضنا بعضا ، نحن يا سيدي نشتري الموت بنقودنا ، ولكن ارجوكم ابحثو عن شيء غير التراث ."

***

أما الشيخ عباس شومان في مؤتمر نصرة القدس فارتجل الكلمة التالية :

سأبدا ببعض ملاحظات خطرت لي الان :

· " اولها ما يقال ان قرار الرئيس الامريكي طامة حلت بالعرب وبالقضية الفلسطينية وبخاصة مدينة القدس واسمحوا لي ان اقول ان هذه المقولة خاطئة ، اذ ان هذا القرار لم ولن يترتب عليه اي شيء فمدينة القدس مدينة عربية تحت الاحتلال . هي محتلة قبل القرار وبعده الى ان تحرر باذن الله … جاء هذا المتهور بقراره الباطل الذي لا يساوي المداد الذي كتب به .ان القدس العربية لم تكن ميراثا لترامب ونيتنياهو ورثوهما عن اجدادهما حتى يمنحوها للكيان الصهيوني . ان القدس عربي ومدينة القدس مدينة عربية كانت ولا زالت وستبقى حتى تعود باذن الله. "

· "الملاحظة الثانية هذا المؤتمر …ليس تظاهرة كلامية وانما هو فعل ايجابي على الارض ، يكفي اجتماع هؤلاء النخبة من اقصى الارض من 86 دولة ، سيعودون بشيء الى بلادهم … متمسكون باسترداده كاملا للسيطرة العربية . يكفي لنجاح هذا المؤتمر ان

المتابعين من خارجه تجاوزوا 400 مليون متابع ، ونتوقع ان العدد سيرتفع ويتجاوز النصف مليار متابع ."

· "الملاحظة الثالثة : لاحظت ويلاحظ غيري اننا نتحدث طوال الوقت اننا امة سلام ، وان السلام هو خيارنا الاستراتيجي وهو خيارنا الاوحد ولن نلجأ الى غيره وهذا خطأ . نحن امة سلام وسلام وسلام مع من سالمنا ، وأمة حرب ضروس لا تبقي ولا تذر مع من عادانا وقاتلنا ، هكذا علمنا من كتاب ربنا الذي قال لنا "وان جنحوا للسلم فاجنح لها " ، " واعدوا لهم ما استطعتم من قوة " وايماننا بطريق واحد ومسلك واحد ايمان منقوص معيب ، علينا ان نسلك في طريق السلام وان يطول النفس في سلوكنا بهذا الطريق، ولكن حين نتاكد ان عدونا يرفض السلام ولا يفكر في قبوله علينا ان نسلك في الطريق الاخر والا فعلينا ان نتنازل عن القدس الى الابد ."

· " الملاحظة الرابعة : لماذا يتحدث العالم بمن فيه اسرائيل وامريكيا عن القدس كمدينة موحدة لكننا العرب نتحدث عن شرقي وغربي فيها ، مجرد تساؤل …. الا يحق لنا ان نتحدث بنفس اللغة التي يتحدثونها ؟ ام اننا نحن فقط من يتعبدون بالقوانين والقرارات الدولية في حين يضرب من اصدرها بها عرض الحائط . اما عن الموضوع الذي ينبغي ان اتحدث فيه فهو يتعلق بالتربية والثقافة ، ذكر فضيلة الامام الاكبر بالامس ان وعي ابنائنا وشبابنا بقضية فلسطين وبقضية القدس هامشية وسطحية … . اما هذا النشئ فعلمه بهذه القضية هو قصورفي المناهج الدراسية وبعض اخبار يتلقونها من التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي . … . ان الارهاب يقف خلفه اسرائيل وامريكا ، هم من زرعوا الارهابيين وهم من يدعمونهم وان كان البعض لا يستطيع ان يردد هذا فان الازهر يستطيع وعلى مسؤوليتي الشخصية ."

· "حتى لا يكونَ هذا الكلامُ مجردَ تنظير أو توصية، فقد شَرَعَ الأزهر الشريف في اتخاذ خطوات عملية في هذا الصدد، في مبادرة لعلها تجد مَن يحذو حذوها؛ حيث اعتمد الأزهر مقررًا دراسيًّا عن القدس وعن فلسطين يدرس بدايةً من المرحلتين الإعدادية والثانوية في التعليم ما قبل الجامعي وصولًا إلى مرحلة التعليم الجامعي، سنعلم اولادنا فيه كل شيء يتعلق بالقضية وتاريخها … حتى ينشا هذا الجيل العربي وهو يملك وعيا ومعرفة صحيحة لا تجعل اثار هذه القضية تخبو ابدا."

· " الهالكة جولدا مائير التي قالت سنة 1969 )حين احرقنا الاقصى لم انم طوال الليل ترقبا لجيوش العرب التي ستداهمنا في الصباح فحين اصبحت علمت بانها امة نائمة(.وهي التي قالت وهي تمشي على خليج العقبة ( اني اشم رائحة اجدادي في خيبر ) .. يا أمة العرب ان القدس يناديكم فاستعدوا له سلما وحربا . نتمنى على الدول الاسلامية ووزارات التربية والثقافة بها ان تحذو حذو الازهر وان تهتم بتدريس مقرر لهذه القضية ."

***

ما يستدعي الانتباه انه بعد اكثر من 40 سنة على (سلام) كامب ديفيد يبقى الشعب المصري شعبا اصيلا ، ويبقى الازهر مصدرا لمواجهة الغزو الثقافي والمادي ،يحافظ على التراث حتى ولو وصلت الوقاحة ممن يحاربون تراثنا بطلب حذف هذه الاية او تلك من مناهج التعليم وبلغت العمالة لحد الاستجابة لذلك.

قد يتم اخراج احمد الطيب وعباس شومان من الازهر بعد ان يصل احتجاج صهاينة تل ابيب ولكنهما قد دخلا التاريخ. صهاينة العرب لا يسمح لها ان ترى تراث 70 مليون مسيحي بروتوستنتي صهيوني يقودون حملة صليبية المسيح منها براء ،ولا يسمح لهم ان يروا تراث قطعان المستوطنين تقتل البشر وتدمر الشجر والحجر لان تراثهم يدعي بانهم شعب الله المختار . صهاينة العرب هم اسفل خلق الله أذلاء مع أعداء الأمة أشداء على شعوبهم .

***

المطران عطاالله حنا ابن الرامة شمال فلسطين ، والشيخ عز الدين القسام ابن جبلة في محافظة اللاذقية والشيخ حسن نصرالله ابن جنوب لبنان ، ومناويل مسلم ابن بيت جالا في فلسطين ، والشيخ احمد الطيب ابن اسيوط في مصر ، واية الله علي الخامنئي ابن بلاد فارس ، وصلاح الدين الايوبي ابن كردستان شمال بلاد ما بين النهرين ، ومحمد الفاتح ابن أدرنة العثمانية ، كل هؤلاء تجمعهم حضارة جامعة عربية اسلامية لا تفرق بين عربي واعجمي الا بالتقوى وتؤمن بأن" لا اكراه في الدين "و " لكم دينكم ولي دين" هذه هي الحضارة العربية الجامعة التي عمل الاستعمار الغربي بمحوها عن طريق غسيل عقولنا بغزو ثقافي لمدة عقد من الزمان في القرن التاسع عشر لتغليب الهويات الجزئية عن الهوية الجامعة يليه غزو واحتلال وتقسيم الوطن الواحد الى دويلات ثم بناء اجيال لا تعرف عن تراثها شيئا بل ولا عن حاضرها . لم اعرف ماذا يعني الانتداب البريطاني اثناء معايشتي له أول 14 سنة من عمري ذلك لأن مدير التربية والتعليم (دائرة المعارف ) كان مديرها هو من آوى في بيته كبير جواسيس الصهاينة سنة 1917 ، وكما تبين في كتاب المؤرخ الاسرائيلي توم سيغيف فقد كان في نفس المحفل الماسوني الصهيوني في القدس الذي كان الصهيوني الجاسوس ليفاين عضوا فيه ايضاً . تم اعتقاله مع الجاسوس وارسل الى دمشق حيث اخرج من السجن بعد وصول الجنرال اللينبي مع جيش الامير فيصل .

يقود امتنا اليوم من يعتبرهم العدو ذخرا استراتيجيا لهم ويتعاونون مع المحتلين الصهاينة لتثبيت احتلالهم .هؤلاء هم خط الدفاع الاول عن العدو !

مستشار ومؤلف وباحث

تنزيل