لماذا ولماذا ولماذا؟ سأقص عليكم رؤياي.. انبؤوني يا اهل العلم لو كنتم تعلمون!
قال الراوي أن الأمير الحسن بن طلال استفسر لماذا تم إلغاء إتفاقية التجارة الحرة مع تركيا؟ جرّت هذه الــ لماذا لدي لماذات اخرى ؟ كان سؤال الأمير مفاجئا لنخبة من الشخصيات الدبلوماسية في العاصمة الاردنية عمان . كان الحضور مجموعة من الشخصيات والسفراء . اغلب الطن ان سؤال الامير من النوع الذي يحمل ضمنه بعض الجواب ان لم يكن كله.
رد السفير التركي الذي كان من بين الحضور تأدباً بانه لا يعلم الاسباب . استمع الامير لتفسيرات متعددة من مسئولين أردينين. لاحقا وجه الامير نفس السؤال لأحد الوزراء السابقين الحاضرين في عهد حكومة الرئيس هاني الملقي التي قررت هي تجميد إتفاقية التجارة الحرة مع تركيا.
ولا تزال مسألة اتفاقية التجارة الحرة عالقة بين الاردن وتركيا . التفسير بأن السبب كان بحجة الحرص على مصالح القطاع الصناعي الاردني في الوقت الذي يشكك فيه كثيرون أن الدوافع سياسية. الغريب أن القرار أُتخذ من البيروقراطية الاردنية في الوقت الذي كان راس الدولة يحضر المؤتمر الاسلامي في تركيا حول القدس والذي طلب منه حلفاءه (الالداء) عدم حضوره. فهل كان ضمن الدولة الاردنية من يحاول عرقلة اي اتجاه لتعاونٍ سياسي مع المحور التركي خلافاً لأجندة الملك الاردني حين ذاك ؟
كان جواب البيروقراطية الاردنية باهتا وان السبب هو العجز التجاري لمصلحة تركيا . لكن هذا التبرير يبقى ضعيفا لأن الميزان التجاري الاردني هو سالب بمجمله وتحديداً مع حلفاءنا الالداء ! فالاقتصاد الاردني هو اقتصاد صغير به تشوهات هيكلية بطبيعة تكوينه .فعندما اقترح وزير المستعمرات تشرشل سنة 1921 انشاء دولة شرقي نهر الاردن، جاء في دراسة وزارة المستعمرات التي اوصت بانشاء تلك الدولة بأنها ستكون ضعيفة الموارد وستحتاج الى مساعدات من الممكلة المتحدة ، الا انها مبررة لأنها ستكون اقل بكثير من الكلفة للدور الوظيفي نفسه لو قامت به المملكة المتحدة نفسها .
***
والان نسأل لماذا اخرى ؟
استبشرنا بفتح الحدود مع سوريا بما في ذلك من فوائد اقتصادية جمّة للقطرين بمئات ملايين الدولارات سنوياً وخصوصاً بأن الاردن يمر بوضع اقتصادي صعب . خسارة العائدات من الترانزيت والعائدات الاخرى على الحدود الاردنية السورية تزيد عن مجموع ضرائب الجباية الاخيرة و التي أثقلت كاهن المواطن تم فرضها بسبب عجوزات الميزانية فهل يستطيع الاردن أن يتحمل ترف تجميد علاقاته التجارية لارضاء نفس (الحلفاء) الذين يقومون بحصاره وخنقه سياسياً واقتصادياً؟
***
و لماذا أخرى؟
لماذا نناصر العدوان على اليمن في ابشع حرب في القرن الواحد والعشرين سببت قتل وجرح عشرات الالاف والمجاعات للملايين . واليمن دائماً وقف مع الاردن سياسياً بل وكان من روافد السياحة العلاجية له ؟
***
ثم لماذا نحالف الولايات المتحدة ؟
الولايات المتحدة هي سبب اللاءات الثلاثة التي اجمع النظام والشعب على الاصرار عليها، كما تُجاهِرنا العداء بخروجها عن الشرعية الدولية ضد مصالحنا وحقوقنا . ثم لماذا ولماذا ولماذا؟؟؟
***
السؤال الذي يتساءله البسطاء مثلي : اذا تم تهويد القدس كأمر واقع واذا صرح كوشنر بأن توطين اللاجئين في أماكن تواجدهم هو الحل العادل بعينه لمشكلة اللاجئين فهكذا تم الغاء (لا) تهويد القدس (ولا) للتوطين من اللآت الثلاثة واذا كان البيت الابيض قد اصبح مستوطنة اسرائيلية يحول رغبات أقصى اليمين المتطرف للكيان الصهيوني الى قرارات واذا كان شعار الحزب الحاكم لهذا اليمين (للاردن ضفتان ،هذه لنا وكذلك الاخرى) فهل ننتظر حتى يحقق الكيان الصهيوني شطب الـ (لا) الثالثة وهي الوطن البديل ؟
***
حلم جميل:
عندما اعلن كوشنر أنه سيزور عمان والقدس والرباط لمدة ساعات في كل منهم حلمتُ في تلك الليلة النقاش الذي سيدور بين ملك اردني هاشمي وبين مستوطن وتاجر عقارات امريكي صهيوني مؤهلاته الاساسية انه “زوج الست افانكا” واسمه كوشنر . هكذا دار الحوار:
“كوشنر: ما قرار جلالتكم بالسير معنا قدما لتنفيذ خطتنا للسلام وانهاء القضية الفلسطينية مرة والى الابد بدءا بمشاركتكم في ورشة البحرين؟
الملك: انا مع السلام لكن السلام العادل كما جاء في قرارات الشرعية الدولية و الامم المتحدة. لكن مشروعكم يختلف تمامًا بل يتعارض مع ما اقرته دول العالم وتوافقت عليه ، وهو بذلك مخالف للشرعية الدولية التي تقول الولايات المتحدة انها نبراسها.
كوشنر: دعك من هذا. تلك القرارات سقطت بالتقادم واسقطها الامر الواقع والحقائق على الارض. اريد جوابا واضحا مختصرا. نحن المحافظون الجدد كما يعلم جلالتكم شعارنا “من ليس معنا فهو ضدنا” . فهل انت معنا أم ضدنا ؟
الملك: ظننتك تعرف لاءاتي الثلاثة وهي لاءات شعبيّ بإمتياز . ظننت أنكم تدعون لنشر الديمقراطية في العالم .أليس من الديمقراطية ان اتبنى لاءاتي ولاءات شعبي والتي تأتي من صميم الشرعية الدولية ؟
كوشنر: اااااوه! اذا كان هذا قرارك فدعني اوصل لك هذه الرسالة من رئيس الولايات المتحدة: نحن نقدم لكم المساعدات وادارة الرئيس ترامب لا تقدمها بالمجان . ولها ثمن سياسي وعليكم أن تدفعوه. والثمن هو قبولكم مبادرتنا.
الملك: تأدب ايها الصبي.مشكلتك أنك بائع عقارات واوطاننا ليست للبيع. أتريدوني أن ابيع القدس؟ الا تعلم ان نبينا اسرى منها الى السماء؟ كيف تريدوني ان افعل هذا وانا حفيد رسول الله؟ الا تعلم ان مليار ونصف مسلم يصلون على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد 17 مرة كل يوم ،ويباركون على سيدنا محمد وال سيدنا محمد 17 مرة اخرى كل يوم في صلواتهم وانا من ال محمد؟
كوشنر: اذن ستتحملون عواقب قراركم ، سنوقف عنكم مساعداتنا الاقتصادية والعسكرية.
الملك: اسمع يا بني . كل ما تعطونا اياه باليمين تأخذونه بل اكثر منه بالشمال. مساعداتكم العسكرية هي عبارة عن بيعنا اجيال قديمة خرجت من الخدمة واصبحت خردة تستعيدون اثمانها من ما تسمونه مساعدات، وانتم تشترطون كيف ومتـي وضد من نستعملها وفق شروطكم ومصالحكم لا وفق متطلبات امننا القومي! تريدون اجبارنا على الدخول في احلاف لا تاقة لنا فيها ولا جمل. ليس لنا مشكلة مع ايران . فلمَ تريدوننا في احلاف ضدهم؟ بالعكس تماماً. هم يشاركوننا لاءاتنا الثلاثة وبذلك هناك تقاطع مصالح بيننا. أما أنتم فسبب لاءاتنا الثلاثة وجعلتم بيننا تضارب مصالح! هل تعلم انهم من مريدي ال البيت وانا من ال البيت ؟ اعطيني سببا مقنعا واحدا كي اخاصمهم . مساعداتكم الاقتصادية تذهب رواتب واجور لشركاتكم الاستشارية ولخبرائكم. الا تعلم ان مؤسسات هيمنتكم قد طلبت منا ان ننشئ مؤسسات رديفة للوزارات بدلاً من تأهيلها بكلفة سنوية تزيد عن 3 مليارات دولار في السنة اي ان كلفتها تساوي بل تزيد عن المديونية الاردنية عن اخر 15 سنة منذ انشائها ؟ الا تُعَلِمون الادارة في جامعاتكم ان ازدواجية المؤسسات تقود الى سوء الادارة،ام ان سوء الادارة كان هدفكم ؟قبولنا بمشورتكم جرّت لنا المديونية. نحن نعلم ان ارهاق الشعوب بالمديونية هو اسلوب الاستعمار الجديد . فالمديونية هي وسيلتكم لسلب السيادة الاقتصادية لسلب سيادتنا السياسية. اخبر رئيسك ان ذلك الزمان قد انتهى. كل ما علينا فعله هو ازالة هذه الحدود الوهمية التى رسمتموها انتم بين بلداننا. عندها سيكون هناك اتحاد او وحدة لها من اسباب الوحدة اكثر مما لديكم انتم او حتى للاتحاد الاوروبي. وبمناسبة ذكر الحدود فقد وفرنا عليكم 10000 جندي حسب تقديراتكم انتم علـى الحدود العراقية الاردنية لسبع سنوات وان كلفة الجندي الامريكي في ساحات القتال هو مليون دولار بالسنة وبذلك وفرنا عليكم عشر مليارات دولار في السنة اي 70 مليار دولار في هذه المدة فقط .نحن نطالبكم بشطب ديوننا ودفع الفرق. اضف الى ذلك دفاعنا عن 600 كم من الحدود مع فلسطين ومئات الكيلومترات عن الحدود الجنوبية وبالتالي حماية حقول النفط والتي لا تقدر هذه الحماية بثمن.
كوشنر : ولكن ماذا تفعلون بدون مساعداتنا ؟
الملك : بالنسبة للمساعدات العسكرية، فنحن لسنا بحاجة للدفاع عن حلفاءكم وبالتالي لسنا بحاجة الى هذه الميزانية الضخمة المحسوبة علينا من اسلحتكم الخردة التي خرجت من الخدمة.نحن نجد ان جيشاً
شعبيا صغير العدد والعدة يكفينا لخلق توازن ردع مع كل قوى العدوان . الا تعتقد اننا لا نرى كيف ان فصيلا صغيرا في لبنان قد ردع حليفكم في ارض فلسطين المحتلة فهل نحن بحاجة لاكثر من مثل هذا الفصيل لتحقيق ردع عدو يخشى ولا يختشي؟ أمّا مساعداتكم التافهة الاقتصادية فلقد خسرنا من اقفال الحدود مع سوريا مثلا أكثر من مساعداتكم لنا.
اننا مع فلسطين و لبنان وسوريا كنا وحدة واحدة طوال التاريخ . وكذلك مع العراق . إن ازالة هذه الحدود فقط ستجعل من هذه البلدان وحدة اقتصادية واحدة بها كل مقومات التكامل . الا تعلم أن ما يجمعنا في المشرق العربي بل ومع المغرب مئة مرة أكثر مما يجمعكم. تبين لنا ايها الفتى ان من يتخذكم صديقا فهو ليس ليس بحاجة الى اعداء.
كوشنر :يا صاحب الجلالة أرجوك ان تتريث .سامحني فأنا لم اكن اعرف شيئا مما تفضلت به. كنت اظن ان ليس لديكم خيارات. كم انا مخطئ فأنت تستطيع ان تقلب المعادلة الجيوسياسية في المنطقة برمتها. فعلا انا كما تقضل جلالتكم تاجر عقارات وقد شططت كثيراً واطلب منك المعذرة!.
الملك : صحيح، وعليك ان تتعلم كيف تخاطب ملكاً هاشمياً مرة أخرى .”
دقت ساعة المنبه فأصبحت في علم من بعد حلم.
مستشار ومؤلف وباحث